الخطيئة .. كيف بدأت .. ؟! ( 2 )
بقلم : جون يونان
نواصل عزيزي القارئ ما بدأنا به في العدد السابق من حديث شيق حول الخطية ودخولها للعالم وكيفية الخلاص منها .. وفي هذه الصفحات سنواصل حيث انتهينا ..
أول سهم وجهه الشيطان كان ضد كلمة الله !
ان أول سهم وجهه الشيطان في حربه ضد البشرية ( المتمثلة في ابوينا الأولين ) كان موجهاً الى " كلمة الله " ! فلنقرأ بتدقيق :
‘‘وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟’’ (تك 1:3). أحقاً قال الله ؟! التشكيك بأقوال الله .. وهذه الحرب مازال يمارسها ابليس وعملاؤه ضد الكتاب المقدس الى يومنا هذا ، فإما يشككون بسلامته وصحته او يفسرونه بأهوائهم ! فابليس يكره كلمة الله لأنها السلاح " النووي "! الذي يدمر كل اعماله . لذلك فقد واجه المسيح سهام إبليس مستخدماً هذا السلاح الفعال: كلام الله. ففي التجارب الثلاثة كان يجاوب ابليس إنه {مكتوب}. فلا يهزم الشيطان إلا كلمة الله. ومع ذلك فأن الشيطان قد اوقع الانسان بثلاثة شكوك في موقف واحد كما سنرى .. لنتابع :
‘‘وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟’’ (تك 1:3). أحقاً قال الله ؟! التشكيك بأقوال الله .. وهذه الحرب مازال يمارسها ابليس وعملاؤه ضد الكتاب المقدس الى يومنا هذا ، فإما يشككون بسلامته وصحته او يفسرونه بأهوائهم ! فابليس يكره كلمة الله لأنها السلاح " النووي "! الذي يدمر كل اعماله . لذلك فقد واجه المسيح سهام إبليس مستخدماً هذا السلاح الفعال: كلام الله. ففي التجارب الثلاثة كان يجاوب ابليس إنه {مكتوب}. فلا يهزم الشيطان إلا كلمة الله. ومع ذلك فأن الشيطان قد اوقع الانسان بثلاثة شكوك في موقف واحد كما سنرى .. لنتابع :
اجابة حواء .. تحريف للوصية !
فأجابت حواء ابليس بهذه العبارة : {فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة تأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة، فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة: لن تموتا. بل الله عالمٌ أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشر} (تك 2:3 ـ5). ونلاحظ بأن حواء قد قامت " بزيادة " كلام من عندها على كلام الرب فأضافت عبارة : " ولا تمساه " ! في حين ان الرب لم يقل بذلك فكأنها كانت تستشعر بثقل وصية الرب فاضافت ما كانت تشعره . وكما اضافت ، فانها ايضاً " حذفت " ! اذ قال الله لآدم : { من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً } وكلمة " أكلاً " قد حذفتها حواء ، وهي الكلمة التي تدل على محبة الله وكرمه للانسان . ولكنها تناست نعمة الرب فحذفت من كلامه ! وهذا حال الانسان الذي يجهل كلمة الله ، اذ ما اسهل ان يوقعه ابليس كما اوقع أمنا حواء التي لم تحفظ الوصية بحروفها جيداً ، لأنها لم تهتم وتحب " معطي " الوصية الذي وفر لهما كل وسائل الراحة والهناء في جنة عدن ، جنة تجري من تحتها اربعة انهار !
التشكيك الثاني والثالث !
فواصل ابليس تشكيكه اذ قام بتكذيب الرب قائلاً : { لن تموتا } ! وهي اكذوبة حاول ويحاول ابليس زرع بذورها السامة في عقول البشر أنه لا موت ولا عقوبة ولا دينونة ولا جهنم ابدية ! – كما يزعم شهود يهوه الضالين ! - وهذا هو التشكيك الثاني . اما التشكيك الثالث فهو تشكيك ابليس للانسان " بمحبة الرب " له .. اذ قال لحواء : { بل الله عالمٌ أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشر } ( تكوين 5:3). وتلك اكذوبة ! لذا فلنكن حذرين من تشكيكات ابليس ضد كلمة الله وضد دينونة الله وضد محبة الله .. فالشيطان كما وصفه الرب يسوع المسيح هو انه { ليس فيه حق. متى تكلَّم بالكذب، فإنما يتكلم مما له لأنه كذَّاب وأبو الكذَّاب} (يوحنا 44:8). فلا تصدق ابليس ان قال لك بأن كتابك المقدس مزوّر ، انه كذاب وابو الكذابين وخير الماكرين !
سقوط الانسان .. والبشرية معه !
ماذا كانت نتيجة تلك المحاورة ؟ يقول الكتاب: { فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بَهِجَة للعيون، وأن الشجرة شهيِّة للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل} (تك 6:3). بمجرد ان اكل الانسان من الشجرة ، فكأنه قال : " آمين " على كلام الشيطان وتشكيكه ! وهكذا بدأت المأساة الانسانية ، اذ ورثنا نتائج الخطية – وليس الخطية بحد ذاتها – بل نتائجها ، اذ نحن ايضاً نخطئ ، اذ تسرب " وبأ " وجراثيم الخطية الينا من أبوينا ، " ومن شابه اباه فما ظلم " ! يقول الوحي : { كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس. إذ أخطأ الجميع.} (رومية 12:5) فنلنا حكم الموت .. لماذا ؟ لأنه قال : { يوم تأكل منها موتاً تموت} (تكوين 17:2) ، وقال : { النفس التي تخطئ هي تموت} (حزقيال 4:18) ، و في العهد الجديد قال {أجرة الخطية هي موت }(رومية 23:6).
والموت له ثلاثة معاني في الكتاب المقدس : الموت الجسدي: انفصال الروح عن الجسد (تكوين16:3) (يعقوب26:2) . الموت الأدبي: الانفصال عن الله (تكوين23:3) (لوقا24:15). الموت الأبدي: العذاب في جهنم { بحيرة النار والكبريت .. الموت الثاني } ! (تكوين24:3) (رؤيا14:20) .
والموت عدو قاس ، اذ يحصد ما يقارب النصف مليون انسان سنوياً ! وللعلم فان الموت لا يتقدم بطلب لــ " إجازة سنوية " ! ولا عطلة نهاية الاسبوع ..! فانه يدق باب الغني والفقير في اي وقت .. وترى الانسان يملأ الدنيا ضجيجاً ، ويعبئ جيوبه باليورو والدولار ، واذا به في اليوم التالي جسد هامد لا حراك فيه.
واضافة الى الموت بانواعه ، فان نتائج الخطية كانت مريعة ويمكن ايجادها في ذات سفر التكوين .. اذ بالخطية دخل الى البشر : الخوف (تكوين 10:3)و العري (تكوين 11:3) و العداوة ( تكوين 15:3) و المرض ( تك 16:3) واللعنة ( تك 17:3) والشوك والحسك ( تك 18:3) ..! وهكذا طُرد الانسان من الجنة مع نسله لأنه { لا يُساكِنك الشرير} (مزمور 5: 4) ، وورثنا نتائج الخطية وصارت جيناتنا تحمل الـ DNA الملوث بالشر والانانية .. فولد لآدم ابن هو " قايين " الذي سفك دم اخيه هابيل ، فكان أول قاتل عرفته البشرية ! .. وولد فيما بعد " لامك " اول مخترع لفكرة تعدد الزوجات ! { اتخذ لامك لنفسه امرأتين} ( تك 19:4). فكانت الديانات الارضية من اتباع طريق قايين ولامك مؤسسة على القتل والشهوات ! بل ان البشر الاشرار عموماً اليوم يتميزون خاصة بلافتة من حرفين : ( ج ج ! ) جـريمة وجـنس ! .. شراسة ونجاسة !
محاولات الانسان .. لستر خطيته !
فبعد ان اخطا الانسان وعصى ربه وغوى ، انفتحت عيناه وعلم انه عريان ! يقول الكتاب : { وعندئذٍ انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر} (تك 7:3). فالخطية تشعر الانسان بالعار والخزي .. فخاطا من اوراق التين مآزر لستر العورة ، اذ فقدا براءة الاطفال .. ولأن التين بعد ان تشع عليه اشعة الشمس فانه يذبل ويجف ويقع ! اذ لا منفعة لأعمال الانسان المحدودة القيمة ..وتلك المآزر من التين قد تكون قد وارت ودارت نتيجة الخطية والعري عن بعضهما البعض ، ولكن امام الله كانت بلا قيمة .. اذ اختبئا من وجه الرب وراء اشجار الجنة ! وهكذا يفعل الكثيرون اذ يختبئون وراء اشجار طائفتهم ، او وراء اشجار قوميتهم او وراء شجر النسب والحسب او شجر الغنى والمال او الصيت والشهرة .. وكلها اشجار مصيرها الجفاف والذبول ! اذ يظنون ان الرب لن يراهم!
وحين نادى الرب آدم بأول سؤال سمعته اذن بشرية ، قائلاً {أين أنت } ؟ - ليس جهلاً بمكانه انما ليجعله يعترف بسقوطه ! – فجاءت الاجابة المحزنة : {سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت } (تك8:3-9) فكانت أوراق التين بلا جدوى اذ كان آدم مازال يرى نفسه عرياناً مع كون اوراق التين تغطيه. وهكذا اعمال الانسان لارضاء الله ولستر خطيته بغير جدوى ولا منفعة لأنها محدودة ، بينما الخطية اصبحت غير محدودة لأنها موجهة الى الله الغير محدود .. يقول الكتاب :{خيوطهم لا تصير ثوبا ولا يكتسون بأعمالهم} (إشعياء 6:59). اذن لا يمكن للانسان ان يخلص نفسه من حكم الخطية ، ولا يخلصه الا الله وحده ! وهكذا تدخل الله ..
أول وعد الالهي بالمخلص !
اذ قبل ان يوقع الرب حكمه العادل بآدم وحواء نطق الرب بأول " بشارة " بالمخلص واول نبوة عن مجيئه اذ قال للحية : { وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه} ( تك 15:3). وهكذا حين جاء الموعد المحدد جاء المسيح المخلص مولوداً من عذراء دون زرع رجل ، {لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة}( غلاطية 4:4). فحبل به بقوة الروح القدس (متى 1: 20) فكان المسيح هو " نسل المرأة " الذي سحق رأس الحية بموته الكفاري على الصليب . واما الحية " تسحقين عقبه " اي جسده بالآلام والصلب . اذ حدث هذا فوق الجلجلثة وقد تنبأ عنه اشعيا النبي بالروح قائلاً : { مجروح لأجل معاصينا .. مسحوق لأجل آثامنا } ( اشعيا 5:53) فكما دخلت الخطية بسبب إمرأة ، هكذا جاء الخلاص من " نسل المرأة " ! وبالطبع لا تعني كلمة " امرأة " انها متزوجة ، اذ ان الانثى الاولى قد دعاها الرب " امرأة " مع كونها كانت عذراء حينها ، فدعيت امرأة، لأنها { من امرءٍ أخذت } (تك2: 23). فالمسيح هو الموعود به ، نسل المرأة ، اذ ولد من عذراء طاهرة في ملء الزمان . ومن المفيد ان نشير بأن الرب يسوع كان دوماً يدعو أمه العذراء مريم بلقب : { إمرأة } ! مذكرا البشرية بأنها هي " المرأة " التي بشر بها الله في جنة عدن وانه هو نسلها الذي سيسحق رأس ابليس !
No comments:
Post a Comment