support تبرع للخدمة

Saturday, April 9, 2011

رموز كفارة المسيح ( ذبح اسحق ) - 5


رموز كفارة المسيح ( ذبح اسحق ) -  الحلقة 5
 
بقلم : جون يونان
 
 

نستكمل بنعمة الرب ما بدأناه في هذه السلسلة عن الحل
 
 الالهي لمشكلة الخطية ، وقد اكتشفنا معاً بأن الحل الوحيد
 
هو بالفداء ، بالذبيحة . وقد تحدثنا عن " أقمصة الجلد "
 
التي كسا بها الرب ابوينا الاولين ، اذ قد قدم عنهما
حيوانيين بريئين ثم كساهما بجلدهما . وبذلك كان الرب
 
هو أول من قدم قرباناً للفداء . ثم درسنا عن هابيل واخيه
 
قايين واكتشفنا طريقين للانسان وهما : طريق الاعمال
 
المحدودة ( طريق قايين ) وطريق الايمان بالفداء والكفارة
 
الدموية ( طريق هابيل ) . ونأتي الآن لنتحدث عن حادثة
 
اخرى نستخلص منها الرموز لذبيحة المسيح عن الجنس
 
البشري . وهذه الحادثة الرائعة هي طلب الرب من
 
ابراهيم تقديم ابنه الوحيد الحبيب اسحق محرقة على جبل
 
المُريا . وقد ذكرها الكتاب في هذه الكلمات :
 
·         " وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا».
فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ».
فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ
هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ. فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ.
وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا ههُنَا مَعَ الْحِمَارِ، وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ، ثُمَّ نَرْجعُ إِلَيْكُمَا».  فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ حَطَبَ الْمُحْرَقَةِ وَوَضَعَهُ عَلَى إِسْحَاقَ ابْنِهِ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ النَّارَ وَالسِّكِّينَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا. وَكَلَّمَ إِسْحَاقُ إِبْرَاهِيمَ أَبِاهُ وَقَالَ: «يَا أَبِي!». فَقَالَ: «هأَنَذَا يَا ابْنِي». فَقَالَ: «هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ، وَلكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟» فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي». فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا. فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «إِبْرَاهِيمُ! إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا» فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ." ( سفر التكوين 1:22-13).
 
والآن لندرس معاً كيف تنطبق هذه الحادثة على ما عمله الرب يسوع من أجلنا .
أولاً :
ان الرب لا يرضى بل لا يطيق الذبائح البشرية ، اي كتلك التي كان الوثنيون يقدمونها بذبح ابناءهم للالهة الشريرة المتعطشة للدماء . والى فترة قريبة كان الهندوس يقدمون البشر كقرابين للالهة الشيطانية المسماة : " كالي " ! .. ولكن الرب الحقيقي لا يرضى بموت الانسان بل ان يحيا لذلك فقد تجسد المسيح من عليائه وصار في شبه صورة الانسان ليفدي الانسان ( فيلبي 8:2) . وكان هذا الامتحان لابراهيم كلفت نظر بأن هناك " انسان " محبوب سيتم تقديمه كذبيحة خطية !
ثانياً :
عبارة : " ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ " ! قالها الرب وفي ذهنه كان يتحدث عن الرب يسوع المسيح ابن الله الوحيد الحبيب !
" لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." ( يوحنا 16:3).
" هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ." ( متى 17:3).
ثالثاً :
ان أرض المُريا التي قُدم فيها اسحق ، قد جعلها الرب مكاناً لاقامة الهيكل الذي بناه الملك سليمان وفيه كانت تقدم الذبائح الكفارية ( التي كلها كانت رموزاً للمسيح ) .. وقريباً من الهيكل تم صلب المسيح . اذ يقول الكتاب : " وَشَرَعَ سُلَيْمَانُ فِي بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ فِي أُورُشَلِيمَ، فِي جَبَلِ الْمُرِيَّا حَيْثُ تَرَاءَى لِدَاوُدَ أَبِيهِ " ( 2 اخبار 1:3). فذبيحة اسحق كانت على جبل وكذلك المسيح على جبل الجلجثة !
رابعاً :
أمر الرب ابراهيم في بئر سبع للذهاب الى ارض المرياً لاتمام هذه المهمة كان مقصوداً من جهة المسافة والزمن .. اذ كانت تبعد عنها مسافة سفر " ثلاثة أيام " ! " وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ " ( تك 4:22) ! فكان اسحق بحكم الميت طوال فترة السفر . الى ان تم انقاذه بفدية ثم عاد حياً . فكأنه مات لثلاثة ايام ثم قام . أليس هذا ما حدث مع الرب يسوع !! اليس هو من علم تلاميذه بعد قيامته قائلاً : " وَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ " ( لوقا 46:24) وكأن اسحق قد بقى مع المسيح في القبر ثلاثة ايام ثم قام .
خامساً :
 اسحق قد حمل خشب المحرقة " فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ حَطَبَ الْمُحْرَقَةِ وَوَضَعَهُ عَلَى إِسْحَاقَ ابْنِهِ" ( تك 6:22). وهكذا المسيح قد حمل خشبة الصليب : " فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ» وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ جُلْجُثَةُ " ( يوحنا 17:19).
سادساً :
سؤال اسحق المؤلم لأبيه : " فقال هوذا النار والحطب ولكن اين الخروف للمحرقة " ؟ انه سؤال الاجيال ! الخروف هو المسيح يا اسحق ! وهكذا اجابه ابراهيم بأن الرب هو من سيدبر أمر الخروف بقوله : " اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي " ! ان تدبير الذبيحة والخروف هو عمل الرب !
سابعاً :
تم ربط اسحق ووضعه على حطب المحرقة وبطاعة تامة منه ، " وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ " ( تك 9:22). وهكذا المسيح تم ربطه بالمسامير على خشبة الصليب ، وبكامل طاعته وارادته ومن دون مقاومة .
ثامناً :
 تدخل الرب في الوقت المناسب وكافئ ابراهيم على ايمانه وعمله . ثم وجد ابراهيم الكبش الذي فدى به ابنه ، " فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ " ( تك 13:22). فكان هذا الكبش رمزاً للمسيح . اذ كان ممسكاً بقرنيه ، والقرن رمز القوة ، وهكذا تخلى المسيح مؤقتاً عن قوته ولم يدافع عن نفسه ضد صالبيه . وهكذ تم امساكه على شجرة الصليب كما كان ذلك الكبش ممسوكاً بشجرة في الغابة !
فمات هذا الكبش عوضاً عن اسحق كما مات المسيح " حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ " ( يوحنا 29:1) عوضاً عن كل من يؤمن به .
 
وعلاوة على هذه الرموز العظيمة التي اشارت لفداء المسيح . فقد كان اسحق هو ابن الموعد وابن البركة ، وكان الرب يسوع هو من نسل اسحق وابن الموعد والبركة والخلاص لكل شعوب الارض . وهكذا تمم العهد الجديد ما حدث مع اسحق بهذه الكلمات المقدسة :
" بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ. قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ الَّذِي قِيلَ لَهُ: «إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ».إِذْ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ أَيْضًا، الَّذِينَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ أَيْضًا فِي مِثَال." ( الرسالة الى العبرانيين 17:11-19).
 
لقد كان ابونا ابراهيم يفكر بأنه بعد موت اسحق فان الرب سيقيمه له ثانية . وكان هذا أول فكر عن " القيامة " ! وفعلاً ، كما قال الرسول : " أَخَذَهُ أَيْضًا فِي مِثَال " ! فكان اسحق مثالاً للرب يسوع بقيامته بعد موته الكفاري على الصليب .

No comments:

Post a Comment